أرشيفات الوسوم: مقال

فوضى منظّمة


المشهد الحالي…

في ملعب كرة القدم ويبدو أنها مباراة مهمة جدًا بين فريقين مشهورين. تمتلئ المدرجات بالجماهير المشجعة، وبالطبع يجلس كل مشجع في القسم الخاص بالفريق الذي جاء من أجله. تعلوا الأصوات والأغاني، يستعمل البعض الزمار لخلق ضجة بنغمة مميزة، والبعض الآخر يستخدم مكبرات الصوت ليقود مجموعة من المشجعين لترديد أغانٍ تراثية أو حماسية وهكذا.

لكن هناك شيء يقوم به جمهور المشجعين الغفير، دون اتفاق مسبق ودون تنظيم أوتدريب، وهو حركة الموجة.

هناك دائمًا مجموعة تبدأ بهذه الموجة البشرية، تقف المجموعة الأولى بينما تعلوا أصواتهم مع علوِّ أياديهم. وبينما هم في خضم هذه الحركة التي تقلب كيان المدرج في منطقتهم، يراقب الأشخاص الذين يجلسون بجانب مربعهم تلك الموجة البشرية. تدق قلوبهم بحماس، فهم لا يعلمون ما هو الشعور بأن تكون جزءً من الموجة، أو كم ستبقى أو كيف ستبدأ. لكنهم يراقبون ويتعلمون من ما يشاهدون ويسمعون.

وبينما تنخفض أيادي المشجعين المشتركين في الموجة الأولى، تنخفض معها أصواتهم، وحماسهم وتبدأ الأمور بالعودة إلى مجراها.

تنتقل الموجة إلى المربع التالي، ويراقبون بدورهم المشهد. بدأت الموجة البشرية تتشكل عند المجموعة الجديدة، هم يعلمون جيدًا مالذي يحصل مع تلك المجموعة، ومالذي يمر به المشاركون بتلك الموجة، وكم ستستغرق من الوقت. هم ببساطة عاشوا تلك التجربة!

تمر الموجة بسلاسة محبوكة دون تفكير، لذا فهي تعبر بأسرع وقت ممكن. لا تلبث أن تبدأ وتعلو، حتى تنخفض من جديد. تنطلق كالعدوى لكنها عدوى جميلة، يشترك بها الجميع.

يا ترى، لو كانت تلك الموجة متفق عليها مسبقًا، هل كان المشجعون سيبقونها وقتًا أطول، أم أن جمالها هو بعفويتها وسرعة وصولها للجميع!؟

تلك القشعريرة اللذيذة المرتبطة بوجودك ضمن مجموعة لا يجمعك بهم غير حماسك وعشقك لشيء يجمعكم في ذلك الوقت، وذلك المكان. موجة تغير كيان المدرج ولو لوقت قصير، لكنها تُسجَّلُ في أحداث ذلك اليوم، وأنت جزء منها.

إرادة

قصة من التراث السوري….

يحكى أنه كان هناك رجلًا  يلبس عباءة، وكان يمشي في الطريق متجهًا نحو الحقل.

قالت الريح للشمس: أتحداكِ بأنني سأجعله ينزع عباءته بحركة مني.

ردت الشمس: أتحداكِ بأنني سأربح الرهان.

وبما أنها كانت مبادرة الريح، فقد بدأت بالهبوب على الرجل. وكلما زادت من قوتها، كلما زاد تمسّكه بعباءته ومقاومته للريح. وهبت أقوى وأقوى، وزاد عناده وتصميمه وضمَّ العباءة أكثر إلى جسده محاولًا أن يتابع سيره. وبعد مرور وقت، استسلمت الريح!

جاء وقت الشمس التي أشرقت بإبتسامة، وعندها شعر الرجل بالدفئ، وخلع عباءته ووضعها على ذراعه وهو يكمل طريقه مبتسمًا.

قالت الشمس للريح: هل رأيتِ، لا يمكن تحقيق شيء بالعنف والتهديد. أعطِ للحياة الإرادة الكاملة في الإختيارات وستستمر بانسجام تام.

الإختيار يعود لك!

كل شيء ممكن أن يتغير بكبسة زر!! هل فكرت بما يمكن فعله بكبسة زر!!

بكبسة زر تستطيع إدخال النور إالى غرفة مظلمة .. وأيضا الظلام! يمكنك أن تتصل بشخص عزيز وتضيف إلى يومه الكثير من الفرح، وأيضا يمكنك أن تجعل حياة أحدهم جحيم بكبسة زر!

قد تبعث ببريد إلكتروني أو قد تمحي كل الرسائل القديمة بكبسة زر!

قد تقتل المئات والآلاف بكبسة زر… لكنك لن تستطيع إعادتهم بكبسة زر!!

الموضوع سهل كما ترى، كلها كبسة زر، لكن… في أي إتجاه ستكبسه؟؟

زيت وزعتر

بدأ الجميع يعترض وتتعالى الأصوات، هذه مؤامرة!

يجمع الأبناء أحذية قديمة وصناديق وأوراق مرمية هنا وهناك، يضعوها بجانب بعضها ليصنعوا منها مدفئة، ويحرقوها لتبقيهم بعيدًا عن التجمد.

تجمع غلّة الشهر وتذهب إلى السوق، ستشتري بنطال للشتاء، البنطال أصبح ب ٦٠٠٠ ليرة سورية. تجوب الأسواق آملة بأن تجد سعرًا أفضل، لكن، وكما قال البائع، هذا هو سعر السوق. هل تشتري؟ هل سيكتفون بالزيت والزعتر لتوفر ثمن البنطال؟ الشتاء يأكل أجسادهم، عليها أن تشتري شيئًا دافئًا.

لا يزال النقاش الحامي الوطيس يدور حول أسباب هذه المؤامرة، هذا النقاش مهم جدًا ولن يرتاح المهاجرون حتى يفضحوا الأسباب!

يجمع أهل المخيم المسامير ليثبتوا خيمهم جيدًا، وصلت أصداء العاصفة التي ستضرب الحدود، يُقال بأنها ستجمد كل شيء ولا أحد يعلم إن كانت المعونات ستصل، أم أنهم سيتجمدون من البرد! الأمم المتحدة أعلنت عن عجزها عن دعم اللاجئين السوريين في المخيمات، مالحل؟

“الخيار الأفضل هو أن لا نصنع حلويات العيد، الأسعار تحرقنا، وبالنهاية سنحتفل وحدنا، من ستأتيه الشجاعة على التجول والزيارة في مثل هذه الظروف؟ هل تعلم، لدي الحل… نصنع كعكة عيد واحدة ونضعها عند الشجرة وننام بجانبها، ثم نوزعها على الأطفال.” هكذا فكرت وهي تحضّر للعيد.

أصبح عدد الشباب الذين قضوا في الحرب كبير، لم نعد نرى إلا اللون الأسود في وجوه المارة. هنا تكثر الأرامل والصبايا والأطفال الذين يحاولون تذكر لعبة الغميضة. هنا لاشيء يحدث!

الأكيد أن لجنة التحكيم والعاملين على البرنامج، والممولين والمشاهدين، والسماء والأرض، اتفقوا أن لا يرفع هذا الفائز العلم. هذه مؤامرة، وعلينا أن نجد لها حل فوري، وفتوة تليق بها، وتصريح أمني وإجتماعي وسياسي! كيف يفرح الناس ويهللوا سوريا… سوريا…. سوريا… ولم يُرفع علم! كيف يفرح هذا الفائز الذي مثّل وطنه بأجمل صورة!

هذه هي قضية الموسم الآن بعد أن حللنا جميع قضايانا، وأعدنا بناء السارية التي سيُرفع عليها العلم. لكن يبقى السؤال: هل يبقى أحد ليرفع العلم!؟

هل وصل الدواعش إلينا!

بدأنا صباحنا اليوم بخبر إطلاق النار على مقر البرلمان في العاصمة الكندية أوتوا، وقد أصيب جندي كندي وأيضا أصيب مطلق النار، أما المشتبه الآخر فقد لاذ بالفرار.

في بلد مثل كندا، حيث لا يحدث الكثير من الأمور المثيرة، تبدوا حادثة مثل هذه هي الأخطر، وبالتأكيد بعد أن سبقتها حادثة مشابهة في العاصمة أيضا. الحادثة الأولى تمت على الطريق العام عندما قام شخص يدعى أحمد عمدًا بدهس شرطيين كنديين كانا يقفان عند المحطة، مما أدى إلى وفاة أحدهم، وإطلاق النار على المجرم الذي انقلبت سيارته وتوفي، ليعلموا بعد الكشف عن شخصيته أنه أحد الثمانين شخصًا المطلوبين للإشتباه بهم بالإنضمام إلى تنظيم داعش!

جاءت هذه الأحداث بعد أن أعلنت الحكومة الكندية عن قرار مراقبتها لجميع الأموال التي تخرج من الدولة لدعم أية مجموعات في منطقة الشرق الأوسط. وهذا القرار لاقى الكثير من التأييد من الكنديين، لكن، وبعد هذه الأحداث، أتسائل هل وصل تنظيم داعش إلينا؟ هل بدأ تصدير الإرهاب على الطريقة الإفتراضية لكن التنفيذ يكون على الطريقة الواقعية؟

ثمانون إرهابي مشتبه بهم، حادثتين مروعتين في العاصمة، والكثير الكثير من أحاديث الباص التي تدعم هذا التنظيم، والتي تُدار بلغة لا يفهمها أهل البلد هنا، لكن نسمعها نحن المهاجرين العرب، بالإضافة أيضًا إلى التجنيد الإلكتروني! ألا تكفي هذه الأسباب لتأخد الحكومة الكندية موقفا صارمًا جدًا بشأن التجمعات الداخلية والتي يتم خلالها جمع تبرعات تحت غطاء المساعدات الإنسانية؟

يقال هنا “يفترض النية الصالحة حتى يثبت العكس”،  وفي بلادنا العربية نفترض النية السيئة حتى يثبت العكس، إذًا، هل سيبدأ الكنديون بتطبيق مبدأنا في التعامل معنا؟

نحن نعلم جيدًا أن المعاملة بالمثل لن تكون من مصلحة العرب، مع الأسف!

 

هكذا تقع الأوراق

لم أشعر بالخريف منذ سنوات طويلة، وهذه السنة، وبعد إنتقالي إلى كندا،  أعيشه في بلاد تحتفل بهذا الفصل الجذّاب بطريقة ساحرة.

جمال الطبيعة في كندا من أروع الأمور التي يمكن أن تشاهدها وتستمتع بها بغض النظر عن عمرك أو جنسك أو جنسيتك الأصلية، وبالتأكيد بغض النظر عن وضعك المادي! هنا، تقدم الطبيعة عرض خاص مع كل فصل من فصول السنة.

الخريف في تورنتو وضواحيها من أروع الفصول، تشعر بالعشق الذي تكنه الأشجار للأرض، حيث تتغير الألوان بتناغم طبيعي ساحر، كأن ريشة تمر على الأوراق وتلونها بألوان خريفية دافئة.

على الطريق، أرى الأوراق تلبس حُللًا جديدة وكأنها تختار أن تتزين قبل أن تتمازج مع الأرض. الأصفر والبرتقالي والناري المتوهج، هذه الإختيارات المتوفرة بالإضافة إلى الأخضر التي تلتزم به بعض الأوراق. لكن مهما كان اللون الذي تختاره، جميع الأوراق ستسقط وتلتحم مع الأرض تاركة الأشجار عارية لتواجه الصقيع الآتي لا محال.

لكل شيء تحت السماء وقت، ولكل كائن على الأرض وقت، صحيح أننا تعودنا على فكرة الأبدية في بلدي الأم، لكن الطبيعة تُعلمنا أنه مهما تلوّنت وتغيرت هيئة الكائنات، سيأتي يوم وتندمج فيه مع الأرض وتصبح جزء منها، لا شيء يدوم إلى الأبد ولا سلطة تدوم إلى الأبد إلا الخالق!

هذه صور أخذتها لجمال الخريف، قراءة ومشاهدة ممتعة أتمناها لكم.

fall1fall5fall2