أرشيفات الوسوم: لاجئ

ثياب نظيفة

peace4syria

“هذه الثياب يجب أن تبقى نظيفة” هذه كانت آخر جملة لها قبل أن تفارق الحياة!

أكملوا الأولاد المشي، بعد أن حفروا حفرة بأيديهم وأنجزوا عملية الدفن كما اقترح الأخ الأكبر.

أمامهم مسافة ليصلوا إلى هناك، وكل شيء بدأ بعد أن أخذ تاجر الأرواح نقودهم وذَهَب والدتهم ورمى بهم هنا. هنا حيث لا شيء، تركهم أمام تحدٍ للإستمرار، وأن تحاول إسكات ثورات الجوع و تنسى مشاعر التعب كان بحد ذاته إنجاز.

عندما سأل الولد الأصغر عن سبب رميهم في العراء هكذا، لم تجد الأم كلمات لتجيب على تساؤل بسيط “تجار الأرواح يا ماما لا يعرفون الله، هم ليسوا بشر!” وهكذا أصبح إسم ذلك الرجل “تاجر الأرواح”.

مشى الصبيين تتوسطهما الأخت الوسطى، لم تكن تبكي ولا تتذمر، كانت تسجل كل حادثة يمروا بها، كانت متيقظة بالرغم من الشحوب الذي وصل حتى إلى لثة فمها!

تاجر الأرواح أخبرهم بأنه في نهاية هذا الطريق يوجد الفرج،” ليته قال الطعام أو السرير” فكر الأخ الأصغر وقد أبطئ المسير، بدى أمامه ضوء ساطع من بعيد، “هل هذا نور الشمس، أم أنه الباب للفرج الذي نبحث عنه؟ سأسرع أكثر قد أصل أسرع، لِمَ لا يستعجل أخوتي! يا سلام ما أجمل هذا المنظر، هذه أمي سأركض نحوها!”

إنتهى الصبي وأخته من الحفر، أخذوا الثياب النظيفة وألبسوها لأخيهم قبل أن يودعوه. الأخت  لازالت تسجل كل شيء وتحفظه في عقلها.

تلوح أمامهم بيوت مبعثرة، قد لا تكون بيوت، لكنها محاطة بأشخاص يلبسون زي موحد. أمسكت الفتاة بيد أخيها بقوة ونظرت نحوه لتسأله إن كان يرى ما تراه، أرادت أن تتأكد أنهما لا يزالا معًا في نفس المكان!

بدأ الإثنان يركضان، لكن الأخ الأكبر توقف فجأة وتذكر وصية والدته. بدأ بتغيير ثيابه الرثة المتسخة، وطلب من أخته أن تفعل الشيء ذاته. الآن يبدوان بمظهر جيد من الخارج، لن يرمي بهم أحد بسبب قذارة مظهرهم،  لن يعلم أحد بحقيقتهم. عاودا الركض نحو الرجال اللذين يلبسون زي موحد، بدأ الأخ الأكبر يصرخ للمساعدة، أما الفتاة لم تصرخ، فقط راقبت أخيها وحفظت كل شيء بقلبها.

توقف الجميع أمام مشهد مرعب، أطفال بثياب نظيفة ووجوه متشققة وأيدي مثل الصخر. اقترب رجل بابتسامة جميلة، لم يروا أحد يبتسم منذ مدة طويلة! حاول تهدئة الأخ الذي توقف عن الركض لكنه لم يتوقف عن الصراخ بنوبة هستيرية طالبا النجدة! اقتربت الفتاة وغمرت أخيها وهي تنظر نحو عينيه متوسلة منه أن يبقى متماسكا، سقط الولد أرضا في حالة إغماء من الإجهاد.

جاء المترجم، وتحدثت الفتاة أخيرا “أمي قالت نحن لاجئون ….هي ليست هنا، ذهبت لتخبر الله عن ما فعله بنا تجار الأرواح وتجار الأوطان!”

*الصورة مأخوذة من الإنترنت، والقصة حقيقية بتصرف”

زيت وزعتر

بدأ الجميع يعترض وتتعالى الأصوات، هذه مؤامرة!

يجمع الأبناء أحذية قديمة وصناديق وأوراق مرمية هنا وهناك، يضعوها بجانب بعضها ليصنعوا منها مدفئة، ويحرقوها لتبقيهم بعيدًا عن التجمد.

تجمع غلّة الشهر وتذهب إلى السوق، ستشتري بنطال للشتاء، البنطال أصبح ب ٦٠٠٠ ليرة سورية. تجوب الأسواق آملة بأن تجد سعرًا أفضل، لكن، وكما قال البائع، هذا هو سعر السوق. هل تشتري؟ هل سيكتفون بالزيت والزعتر لتوفر ثمن البنطال؟ الشتاء يأكل أجسادهم، عليها أن تشتري شيئًا دافئًا.

لا يزال النقاش الحامي الوطيس يدور حول أسباب هذه المؤامرة، هذا النقاش مهم جدًا ولن يرتاح المهاجرون حتى يفضحوا الأسباب!

يجمع أهل المخيم المسامير ليثبتوا خيمهم جيدًا، وصلت أصداء العاصفة التي ستضرب الحدود، يُقال بأنها ستجمد كل شيء ولا أحد يعلم إن كانت المعونات ستصل، أم أنهم سيتجمدون من البرد! الأمم المتحدة أعلنت عن عجزها عن دعم اللاجئين السوريين في المخيمات، مالحل؟

“الخيار الأفضل هو أن لا نصنع حلويات العيد، الأسعار تحرقنا، وبالنهاية سنحتفل وحدنا، من ستأتيه الشجاعة على التجول والزيارة في مثل هذه الظروف؟ هل تعلم، لدي الحل… نصنع كعكة عيد واحدة ونضعها عند الشجرة وننام بجانبها، ثم نوزعها على الأطفال.” هكذا فكرت وهي تحضّر للعيد.

أصبح عدد الشباب الذين قضوا في الحرب كبير، لم نعد نرى إلا اللون الأسود في وجوه المارة. هنا تكثر الأرامل والصبايا والأطفال الذين يحاولون تذكر لعبة الغميضة. هنا لاشيء يحدث!

الأكيد أن لجنة التحكيم والعاملين على البرنامج، والممولين والمشاهدين، والسماء والأرض، اتفقوا أن لا يرفع هذا الفائز العلم. هذه مؤامرة، وعلينا أن نجد لها حل فوري، وفتوة تليق بها، وتصريح أمني وإجتماعي وسياسي! كيف يفرح الناس ويهللوا سوريا… سوريا…. سوريا… ولم يُرفع علم! كيف يفرح هذا الفائز الذي مثّل وطنه بأجمل صورة!

هذه هي قضية الموسم الآن بعد أن حللنا جميع قضايانا، وأعدنا بناء السارية التي سيُرفع عليها العلم. لكن يبقى السؤال: هل يبقى أحد ليرفع العلم!؟