أرشيفات الوسوم: story

زيت وزعتر

بدأ الجميع يعترض وتتعالى الأصوات، هذه مؤامرة!

يجمع الأبناء أحذية قديمة وصناديق وأوراق مرمية هنا وهناك، يضعوها بجانب بعضها ليصنعوا منها مدفئة، ويحرقوها لتبقيهم بعيدًا عن التجمد.

تجمع غلّة الشهر وتذهب إلى السوق، ستشتري بنطال للشتاء، البنطال أصبح ب ٦٠٠٠ ليرة سورية. تجوب الأسواق آملة بأن تجد سعرًا أفضل، لكن، وكما قال البائع، هذا هو سعر السوق. هل تشتري؟ هل سيكتفون بالزيت والزعتر لتوفر ثمن البنطال؟ الشتاء يأكل أجسادهم، عليها أن تشتري شيئًا دافئًا.

لا يزال النقاش الحامي الوطيس يدور حول أسباب هذه المؤامرة، هذا النقاش مهم جدًا ولن يرتاح المهاجرون حتى يفضحوا الأسباب!

يجمع أهل المخيم المسامير ليثبتوا خيمهم جيدًا، وصلت أصداء العاصفة التي ستضرب الحدود، يُقال بأنها ستجمد كل شيء ولا أحد يعلم إن كانت المعونات ستصل، أم أنهم سيتجمدون من البرد! الأمم المتحدة أعلنت عن عجزها عن دعم اللاجئين السوريين في المخيمات، مالحل؟

“الخيار الأفضل هو أن لا نصنع حلويات العيد، الأسعار تحرقنا، وبالنهاية سنحتفل وحدنا، من ستأتيه الشجاعة على التجول والزيارة في مثل هذه الظروف؟ هل تعلم، لدي الحل… نصنع كعكة عيد واحدة ونضعها عند الشجرة وننام بجانبها، ثم نوزعها على الأطفال.” هكذا فكرت وهي تحضّر للعيد.

أصبح عدد الشباب الذين قضوا في الحرب كبير، لم نعد نرى إلا اللون الأسود في وجوه المارة. هنا تكثر الأرامل والصبايا والأطفال الذين يحاولون تذكر لعبة الغميضة. هنا لاشيء يحدث!

الأكيد أن لجنة التحكيم والعاملين على البرنامج، والممولين والمشاهدين، والسماء والأرض، اتفقوا أن لا يرفع هذا الفائز العلم. هذه مؤامرة، وعلينا أن نجد لها حل فوري، وفتوة تليق بها، وتصريح أمني وإجتماعي وسياسي! كيف يفرح الناس ويهللوا سوريا… سوريا…. سوريا… ولم يُرفع علم! كيف يفرح هذا الفائز الذي مثّل وطنه بأجمل صورة!

هذه هي قضية الموسم الآن بعد أن حللنا جميع قضايانا، وأعدنا بناء السارية التي سيُرفع عليها العلم. لكن يبقى السؤال: هل يبقى أحد ليرفع العلم!؟

هكذا تقع الأوراق

لم أشعر بالخريف منذ سنوات طويلة، وهذه السنة، وبعد إنتقالي إلى كندا،  أعيشه في بلاد تحتفل بهذا الفصل الجذّاب بطريقة ساحرة.

جمال الطبيعة في كندا من أروع الأمور التي يمكن أن تشاهدها وتستمتع بها بغض النظر عن عمرك أو جنسك أو جنسيتك الأصلية، وبالتأكيد بغض النظر عن وضعك المادي! هنا، تقدم الطبيعة عرض خاص مع كل فصل من فصول السنة.

الخريف في تورنتو وضواحيها من أروع الفصول، تشعر بالعشق الذي تكنه الأشجار للأرض، حيث تتغير الألوان بتناغم طبيعي ساحر، كأن ريشة تمر على الأوراق وتلونها بألوان خريفية دافئة.

على الطريق، أرى الأوراق تلبس حُللًا جديدة وكأنها تختار أن تتزين قبل أن تتمازج مع الأرض. الأصفر والبرتقالي والناري المتوهج، هذه الإختيارات المتوفرة بالإضافة إلى الأخضر التي تلتزم به بعض الأوراق. لكن مهما كان اللون الذي تختاره، جميع الأوراق ستسقط وتلتحم مع الأرض تاركة الأشجار عارية لتواجه الصقيع الآتي لا محال.

لكل شيء تحت السماء وقت، ولكل كائن على الأرض وقت، صحيح أننا تعودنا على فكرة الأبدية في بلدي الأم، لكن الطبيعة تُعلمنا أنه مهما تلوّنت وتغيرت هيئة الكائنات، سيأتي يوم وتندمج فيه مع الأرض وتصبح جزء منها، لا شيء يدوم إلى الأبد ولا سلطة تدوم إلى الأبد إلا الخالق!

هذه صور أخذتها لجمال الخريف، قراءة ومشاهدة ممتعة أتمناها لكم.

fall1fall5fall2