أنت رقم

“كل حركة تقوم بها على الإنترنت تساهم في خلق إعلام، ما تفعله على مواقع التواصل الإجتماعي محسوب، أنت رقم”

هذا ما قالته سالي في حديثها ضمن إحدى أحاديث تيد العالمية*، حيث قدمت للجميع بذرة للتغيير في العالم الإفتراضي “إن كنت من المعارضين لموضوع معين، لا تزور مواقع تنشر معلومات أو أخبار عنه!هكذا و ببساطة”.

نحن نعلم أنه في معظم مناطق العالم العربي،  صوت الفرد لا يقدم ولا يؤخر في أي قرار، إن كان بالغ الأهمية أو لم يكن مهم. نحن نشاهد ونسمع ونتابع ما يحصل من حولنا، ولأننا تعودنا على التعتيم وقمع الحريات، لم يعد لأصواتنا أهمية كبيرة وأصبحت مشاركاتنا للآراء هي مجرد أحاديث على القهوة! هذه قد تكون من الأسباب للطريقة التي نستخدم بها الإنترنت، ومواقع التواصل الإجتماعي الإفتراضية، لكن هنا أنت رقم!

في هذا العالم الإفتراضي، كل خطوة تقوم بها حتى لو كانت مجرد تصفح، هي ذات قيمة، هل تبتسم الآن لمعرفتك بوجود مكان يقيّم صوتك؟ جيد، إذًا مالذي تفعله بهذا الصوت؟

يعتمد الكثير من السياسيين والفنانين والكوميديين وغيرهم في أيامنا هذه على نسبة الإنتشار الواسعة في العالم…الإفتراضي! وما تقوم به يحدد مصير كل المحتوى الذي يتم تحميله يوميا على الإنترنت. فأنت مثلا قد تكون الشخص الذي أوصل خطاب الرئيس فلان إلى الرقم مليون في عدد المشاهدات، وبالتالي تصدّر قائمة الخطابات لهذا الشهر. وأنت أيضا قد تكون ضمن المليون شخص الذين ساهموا في نشر صور كيم كارداشيان العارية، علمًا بأنك قد تكون من معارضي ذاك السياسي، ومن غير المشجعين للإباحية، لكن أنت فعليًا قمت بزيادة نشرها!

نأتي للموضوع الأسخن، وأستطيع أن أسمع كل شخص يردد هذا الإسم الآن “داعش”. في البداية، لاحظ الجميع التقنية العالية والحرفية التي يمتلكها هؤلاء الأشخاص في تصوير وإخراج أفلامهم وصورهم، وتواجدهم الرهيب على جميع مواقع التواصل الإجتماعية، التي يتواجد بها كثافة سكانية إفتراضية! قامت هذه الجماعة بتجييش أفضل المستخدمين والمحللين للعالم الإفتراضي، اللذين وضعوا لهذه الجماعة خطة افتراضية محبكة. وأنت جزء من هذه الخطة، أنت رقم!

يعتمد هؤلاء الأشخاص بشكل كبير على كل شخص يتعامل مع الإنترنت – ومن لا يفعل في أيامنا هذه – وقد نجحت خطتهم الإلكترونية حيث ينتشر أي شيء يطلقونه بغضون ساعات بسرعة البرق بين الملايين. لماذا؟ لأنك تعمل معهم! ليس لأنك تشارك بما يتم نشره، كلا، بل لأنك تحرك سهم حاسوبك وتنقر على المحتوى وبهذا تقدم لذاك المحتوى صوت مجاني!

بإختصار، الخبر السار أنه، وأخيرا أصبح لصوتك أهمية. الخبر السيء، أنت غير مؤهل لإستخدام صوتك، وبالرغم من كل التنبيهات التي يطلقها الباحثون للحد من نشر المحتوى المسيء أو المحرض على العنف أو الهدم، لا نزال نتصرف باستراتيجية “حديث القهوة” المبني على الفضول ونقل الأخبار دون تفكير مسبق!

ما يمكنك فعله الآن هو أن تتصفح الإنترنت بوعي، وتعلّم من حولك كيف يتصفح بوعي. فإن كنت رقم، استخدم رقمك لنشر المعرفة ولنشر الأفضل، ولا تحوّل صوتك إلى سَوط.

*TED Talks: Sally Kohn: Dont like clickbait, Dont Click! المرجع

تعليقان على “أنت رقم”

  1. مقال دسم و المشكلة تكمن في تسابق البشر لتدوير الڤيديوهات الاكثر دموية و اجراماً دون أي تفكير او تقدير للأشخاص الذين يعنيهم الضحية في هذه المشاهد.. وضاعت الحقيقة في كثير من الأحيان. شكراً لكِ لتسليطك الضوء على هذا الجانب

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *